¤ بيان بشرية عيسى عليه السلام:
بَيَّن الله سبحانه بشرية عيسى عليه السلام وأنه ليس بإله، وهذا رداً على من زعم أنه يختلف عن البشر، فزعم بسبب ذلك له الإلهية، فقال سبحانه: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:59].
فعيسى عليه السلام لا يختلف عن بقية البشر في تكوين جسده، وهذا الجسد يحتاج من الأمور ما تحتاجها بقية الأجساد، ولذا قال سبحانه: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة:75]، أي: هذا غاية عيسى ومنتهى أمره، أنه من عباد الله المرسلين، الذين ليس لهم من الأمر ولا من التشريع، إلا ما أرسلهم به الله، وهو من جنس الرسل قبله، لا مزية له عليهم تخرجه عن البشرية إلى مرتبة الربوبية.
وأمه كانت من الصديقين الذين هم أعلى الخلق رتبة بعد الأنبياء، وكفى بذلك فضلا وشرفا. فإذا كان عيسى عليه السلام من جنس الأنبياء والرسل من قبله، وأمه صديقة، فلأي شيء إتخذهما النصارى إلهين مع الله؟
وقوله: {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} دليل ظاهر على أنهما عبدان فقيران، محتاجان كما يحتاج بنو آدم إلى الطعام والشراب، فلو كانا إلهين لإستغنيا عن الطعام والشراب، ولم يحتاجا إلى شيء، فإن الإله هو الغني الحميد.
ولما بين تعالى البرهان قال: {انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ} الموضحة للحق، الكاشفة لليقين، ومع هذا لا تفيد فيهم شيئا، بل لا يزالون على إفكهم وكذبهم وافترائهم، وذلك ظلم وعناد منهم.
المصدر:اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.